عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلمِ كربةً فرّج الله عنه كُربةً من كربات القيامة، ومن ستر مسلماَ ستره الله يوم القيامة".
(رواه البخاري في المظالم باب 3، واللفظ له. ومسلم في كتاب البر والصلة باب تحريم الظلم).
المفردات:
المسلم أخو المسلم
أي أخوه في الدين.
لا يظلمــه
أي لا يوقع عليه ظلماً من قبله. وهو خبر بمعنى الأمر.
لا يُســلمُهُ
أي لا يتركه لمن يظلمه، بل ينصره ويدفع عنه ظلم الآخرين.
ومن كان في حاجة أخيه
أي كان قائماً بحاجة أخيه محافظاً عليها.
.
فرّج الله عنه
أزال الله عنه وكشف
كــربـة
أي غُمّةً. والكربة هي الغمّ الذي يأخذ النفس.
ستر مسلماً
رآه على قبيح فلم يفضحه ولم يخبر به أحداً
المعنى الإجمالي :
[/color]من محاسن الدين الإِسلامي أنه ربط بين المؤمنين برباط الأخوة فجعلهم إخوة في الدين لا يظلم بعضهم بعضاَ ولا يترك أحدهم نصرة إخوانه الآخرين، وأمرهم بالتناصح والتعاون فيما بينهم على البر والتقوى فقال تعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } [المائدة آية:2] .
وكذلك أخبرنا صلى الله عليه وسلم أنه متى كان المسلم حريصاً على مصلحة أخيه قائماً بحاجته طالباً لمرضاة ربه ونفع إخوانه المسلمين فليبشر بحسن الثواب وعظيم الجزاء، وذلك أن يكون الله في حاجته يقضيها له وييسرها ويسهل أمرها.
وأيضاً رغّبنا النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يزيل هماً أو غماً عن مسلم، ويدخل عليه سروراً وأعلمنا أن جزاء ذلك أن يزيل الله عنه كربة منْ كرب يوم القيامة وشدائدها. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ومن عامل الناس بمعاملة عامله الله بها يوم القيامة.
كما نهاهم عن كشف عوراتهم وإبداء زلاتهم، بل حضهم على الساتر وطلب العافية والسلامة فإن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
ومن فعل ذلك لوجه الله فإن الله يستر عيوبه وذنوبه عن أعين الآخرين في الدنيا والآخرة ولا يفضحه على رؤوس الأشهاد.
أما من جهر بمعصيته وأعلن عن قبيح فعلته وكشف ستر الله عنه، فهذا ينكر عليه علانية ولا كرامة، إلا إذا كان مِن ولاة الأمر على المسلمين فهذا الواجب في حقه نصحه خفية عملا بالنصوص الواردة في ذلك. هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة المتمسكين بالحديث والأثر.