في نصف نهائي مونديال 2002، تحديدا عند الدقيقة 71 من المباراة بين كوريا الجنوبية والمانيا، اطلق الحكم السويسري ماير صافرة لم تكن عادية بتاتاً بالنسبة الى لاعب يدعى ميكايل بالاك.
صافرة قاسية بعض الشيء غير ان القدر يبقى قدراً، اذ كُتب لتلك البطاقة الصفراء التي نالها بالاك، الثانية له في البطولة التي استضافتها كوريا الجنوبية واليابان معاً، ان تحكم على اللاعب «الالماني الشرقي» بالإعدام كونها حرمته من خوض «النهائي الحلم» في حال بلغته «الماكينات».
بعد اربع دقائق فقط وتحديدا في الدقيقة 75، انتقم بالاك من القدر واحرز هدف الفوز الالماني في المرمى الكوري، وبعث بفريقه الى النهائي مدركاً تماماً من خلال الدموع التي ذرفها عقب صافرة الحكم الختامية ان موندياله الشخصي انتهى بعد ان ادى دوره للعلى، وان ما تبقّى من تحديات يقع على عاتق زملائه تحملها.
بالاك كان نجم المانيا في تلك البطولة. صحيح ان الحارس اوليفر كانّ اختصر منتخب بلاده بشخصيته المرعبة خلال مونديال 2002، غير ان بالاك كان القلب النابض في ارض الملعب. كيف لا وهو صاحب هدف الفوز على الولايات المتحدة (1 - صفر) في ربع النهائي، وصاحب هدف الفوز على كوريا الجنوبية (1 - صفر) في نصف النهائي؟
بالاك لم يشارك امام البرازيل في المباراة النهائية، ولا شك في ان خوضه إيّاها كان ليبدل كثيراً في مصير اللقاء إذا سلّمنا بأن تفاصيل صغيرة تصنع الفارق في كرة القدم، فما بالكم عندما يكون الفارق كبيراً جداً وبحجم عنصر رهيب من قماشة بالاك.
يوم امس، اوردت الوكالات خبراً مفاده ان بالاك (33 عاما)، لاعب تشلسي الانكليزي، قد يفوّت مباراة منتخب المانيا المصيرية امام روسيا في 10 اكتوبر الجاري في الجولة قبل الاخيرة من تصفيات اوروبا المؤهلة الى مونديال 2010 نتيجة الاصابة.
وتتأكد اهمية اللقاء من كون المانيا تتقدم بفارق نقطة واحدة فقط على روسيا (22 مقابل 21) في اطار المجموعة الرابعة التي ستفرز بطلا ومتأهلا مباشرا واحدا الى كأس العالم، فيما يخوض الثاني غمار ملحق خطير تبقى نتائجه في علم الغيب.
فوز روسيا على المانيا في موسكو بعد اكثر من اسبوع بقليل سيضع رجال المدرب الهولندي غوس هيدينك في المقدمة امام رجال المدرب يواكيم لوف (24 مقابل 21)، مع العلم ان الجولة الاخيرة ستشهد مباراة سهلة لروسيا امام مضيفتها اذربيجان الضعيفة، فيما تنهي المانيا مشوارها على ارضها امام فنلندا، الوحيدة التي سلبتها نقاطا في التصفيات بتعادلها معها 3-3 ذهاباً.
هذا يعني ان غياب بالاك سيشكل ضربة مؤلمة لطموحات الالمان «المباشرة» خصوصا ان «الماكينات» قد تكون مدعوة لمواجهة فريق قوي ضمن الملحق كفرنسا على سبيل المثال.
الامر الايجابي يتمثل في كون نظام التصفيات الاوروبية يشير بوضوح الى تأهل ابطال المجموعات التسع مباشرة، بالاضافة الى افضل وصيف، ليرتفع العدد الى 10. ثم تقام مباريات الملحق بين المنتخبات الثمانية الاخرى التي حلت ثانية فيصعد منها اربعة، ليصل العدد الاجمالي للفرق المتأهلة عن «القارة العجوز» الى 14.
نظرة سريعة الى المجموعات تؤكد بوضوح تفوقا المانيا يؤهل ال«مانشافت» لانتزاع بطاقة افضل وصيف في حال خسارتها امام روسيا، ولكن من هو ذاك الذي يميل الى وضع مصيره في كف «عفريت حسابات النقاط»؟
عندما يطلق حكم مباراة روسيا - المانيا صافرته في 10 اكتوبر الجاري معلناً التأهل «المبدئي» المباشر للاولى، ويوجب على الثانية الانتظار، قد يتذكر بالاك «الغائب المحتمل» عن «موقعة موسكو» رنين صافرة 2002 القاسية، ولكن شتّان ما بين صافرة تصفيات قابلة للتعويض في ملحق، وصافرة كأس عالم قد تكون حرمت الالمان من «وصال رابع» مع المجد.